الأحد، 3 يناير 2016

دول مجلس التعاون وسياسة السوق الجديدة


تزخر منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بكثير من الموارد الاقتصادية التي تجعلها تحتل مكانة متميزة في السوق العالمية ويتجه إليها كمُ ليس بقليل من الاستثمارات الأجنبية، الشيء الذي يحتم عليها مواكبة التطورات العالمية باتخاذها من حين لآخر من القرارات والسياسات ما يجعلها تحافظ على مكانتها كمنطقة جاذبة وسوق مفتوح للاستثمارات الخارجية، ومما ترتكز عليه على سبيل المثال لا الحصر: النفط الخام ومشتقاته الذي يعطي لهذه المنطقة الكثير من الأهمية، والتجارة بمختلف أنواعها سواء كانت سلعيه أو خدمية، وتتميز كذلك بأنها منطقة تسويقية ذات مميزات عالية، مما يجعلها تبحث على الدوام عن السياسات المناسبة للمحافظة على ذلك، ومن تلك السياسات انضمام أغلب دول المنطقة إلى منظمة التجارة العالمية حتى لا تتخلف عن ركب التطور التجاري الذي سارت فيه الكثير من دول العالم.
تعتبر منظمة التجارة العالمية هي المنظمة العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الأمم، ومهمتها الأساسية ضمان انسياب التجارة بكل سهولة ويسر وحرية بين الدول حتى يضمن المستهلك والمنتج على حدً سواء الامداد المستمر من السلع واتساع دائرة الخيارات من المنتجات تامة الصنع ومكوناتها وموادها الخام وخدمات انتاجها، فيضمن بذلك المنتجون والمصدرون فتح الأسواق الخارجية أمامهم.
ومن أهم مسؤوليات منظمة التجارة العالمية إدارة اتفاقياتها والتي تمثل الأسس والقواعد القانونية للتجارة الدولية، ومراقبة السياسات التجارية والتي تتم مراجعتها بصورة دورية من المجلس العام للمنظمة للتأكد من أن السياسات التجارية لا تعوق انسياب التجارة بالشكل المطلوب وحتى تضمن كل دولة بأن صادراتها سوف تعامل بصورة عادلة ومتجانسة في أسواق الدول الأخرى، كما تتعهد كل دولة بأن تقوم بنفس الشيء بالنسبة للواردات القادمة إلى اسواقها، مما يعني بصورة غير مباشرة رفع الدولة الحماية عن منتجاتها الوطنية أو رفع الدعم إذا كان ايجابياً أم سلبياً فإذا كانت الدولة تفرض رسوماً على البضائع المستوردة لزيادة تكلفتها مما ينتج عنه زيادة في أسعارها فهي بذلك تحمي المنتج الوطني، ففي ظل سياسة كهذه هل تستطيع الشركات الوطنية منافسة هذا السوق؟ يمكنها منافسته ولكن يتطلب ذلك استعداداً وتميزاً واضحاً بزيادة الاحتياطي المالي والاستعداد لمواجهة أي مصروفات تقع على عاتق الشركات الوطنية التي يعتمد عليها اقتصاد دول المنطقة بدرجة كبيرة.
وهذا المبدأ لا يتوقف فقط عند الشركات الوطنية المنتجة للبضائع بل يتعداه إلى مجال الخدمات مثل البنوك وشركات التأمين والاتصالات والنقل والفندقة وما إلى ذلك من أنواع الخدمات، فهذا القطاع ينعم أيضاً بحرية الممارسة في أي من المناطق التي تشملها منظمة التجارة العالمية مما يوسع فرص المنافسة ويجعل هذه الخدمات مطروقة في سوق مفتوح للجميع بعد إزالة الحواجز الحدودية والسياسات التي تحمي المنتج الوطني، ويصبح الفيصل هو المنافسة العادلة للجميع فمن يوفر الخدمة التي تجعله متميزاً يستطيع أن يبقي نفسه في دائرة السوق.
إن النظام التجاري العالمي الجديد يهيئ الأسواق بصورة كبيرة للعمل عليها وفق سياسات لا تعرف الفرق بين الوطني وغير الوطني، حيث تتيح للجميع فرصاً متساوية لإدارة استثماراتهم ومراعاة منتجاتهم وتطويرها، فهل تسطيع دول مجلس التعاون الصمود أمام هذا المد الجديد.
وخلاصة القول: إن كل الشركات العاملة في مجال الاستثمار والاقتصاد إن لم تتبع المنهجية العلمية في القراءة السليمة للسوق واحتياجاته، وفي تجهيز احتياطي مالي يمكن الاعتماد عليه عند التعرض لهزات السوق الناتجة عن تغيير السياسات التجارية من حينٍ لآخر حسبما تمليه اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، فستكون مسألة انهيارها وانهيار اقتصاد المنطقة مسألة وقت ليس إلا.

(*) المحكم و مستشار قانوني/ فهد الفرحان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق