الاثنين، 1 سبتمبر 2014

لا «رداء» ولا «قسم».. في مهنة المحاماة


الرياض – يوسف الكهفي - لقاء مع المحكم والمستشار القانوني/ فهد الفرحان
نطالب بمركز متخصص تابع لوزارة العدل بمعايير أكاديمية متطورة لتدريب حديثي التخرج.
لماذا لا يكون هناك قسم يمين للمحامي الذي اجتاز متطلبات اللجنة المختصة أمام وزير العدل؟
ثقافة الناس عن المحامي ضحلة ولا تتعدى كونه معقباً.
يمشي متبختراً بكامل أناقته التي تليق به، في بهو كبير هو فضاء المحكمة، ليقف بين الصفوف بزيه المميز، تملؤه الثقة بالنفس، وبتلك القوانين والأنظمة والتشريعات التي يحملها بين طيات مهنة عريقة استمدت قوتها عبر مئات السنين..
المكان: قاعة المحكمة في كل مكان في العالم
الشخصية: المحامي مترافعاً في قضية مطروحة بالمحكمة.
الهندام: شخصية مميزة متعارف عليها، ورداء يرتديه في هذا المكان..
… هكذا هي شخصية المحامي في المحاكم، في كل مكان في العالم، لكنها في المملكة صورة غير موجودة..
«الشرق» التقت بالمستشار القانوني فهد الفرحان ليسلط الضوء على هذه الصورة الباهتة، ويقدم رؤية متكاملة لأبرز المتطلبات التي تحتاجها مهنة المحاماة..

عقبات ومعوقات

فهد الفرحان
في البداية قال المستشار القانوني فهد الفرحان لـ «الشرق»: هناك كثير من العقبات والمعوقات التي يواجهها المحامي السعودي بداية من الوعي المجتمعي وإزالة الفكرة الراسخة في أذهان الناس بأن المحامي هو «المعقّب» الذي يتتبع المعاملات ويقوم بتخليصها في الدوائر الحكومية، وليس انتهاء بعدم وجود رداء مخصص للمحامي السعودي يميزه في أروقة المحاكم، مثله مثل الطبيب والممرض، ولماذا لا يكون هناك قَسم يمين للمهنة يدلى به المحامي الذي اجتاز متطلبات اللجنة المختصة أمام وزير العدل؟! لماذا لا يكون هناك مركز متخصص تابع لوزارة العدل بمعايير أكاديمية متطورة لتدريب حديثي التخرج بشكل صحيح ومهني بحت يكفي حديثي التخرج «ذل السؤال والتوسل» من أجل التدرب لدى مكاتب المحاماة. أسئلة كثيرة تبحث عن جواب في أجواء لا تعرف من هو المحامي.. ولا تعطيه قيمته الحقيقية مثل البلدان الأخرى..
وقال الفرحان لـ «الشرق»: دائماً ما نتساءل نحن معشر المحامين في جلساتنا الخاصة عن واقع مهنتنا التي تتسع رقعتها المهنية يوماً بعد يوم، ومعها في نفس الوقت تتسع معوقاتها ومتطلبتها التي لو تغلبنا عليها وتم تحقيقها، سنكون على الأقل بموازاة ما يحيطنا من تطور في هذه المهنة بدول مجلس التعاون الخليجي.

أبرز المعوقات

وعن أبرز تلك المعوقات يقول الفرحان: إنه الوعي المجتمعي بهذه المهنة وأهميتها. وأضاف: إذا أردنا أن نتناول القضية بشكل عقلاني ومنطقي بحت لواقع ثقافة مجتمعنا بهذه المهنة، سنجد أنها ومع الأسف ثقافة ضحلة جداً خصوصاً على مستوى الأشخاص الطبيعيين أكثر من الأشخاص الاعتباريين.
ويتبين هذا بشكل واضح في أي جلسة استماع لأي قضية من قبل طالب الاستشارة أو من خلال مراقبة الوضع العام. وقال: ستجد بأن الأفراد في المجتمع السعودي بشقيهم الطبيعي والاعتباري هم من يترافعون عن أنفسهم.

ظاهرة غير صحية

وتابع الفرحان قائلاً: تعد هذه ظاهرة غير صحية، في حين أن المحاكم الإدارية هي من يوجد بها محامون بشكل أكبر، باعتبار أن القضايا المرفوعة فيها قضايا تجارية أو أمور متعلقة بشركات عملاقة ذات باع طويل في المطالبات، مع أهمية أن يكون لها محام خاص، إلا أنها مع الأسف لا تخلو من العيوب حيث إن أغلبها لا تستعين بالمحامي إلا في وقت الحاجة لكونه يغيب عن خطتها الاستراتيجية منذ بداية التأسيس.
وقال: المفروض أن يكون موجودا في كل كبيرة وصغيرة لكونه صمام أمان لتحركات الشركة القانونية من حيث الإجراءات، فلو كان موجودا منذ البداية لما وقعت الشركات بتلك الإشكالات القانونية التي تستنزف من رأس مالها ووقتها الكثير.

ثقافة المعقب

وانتقد الفرحان الثقافة المترسخة لدى المواطن السعودي من أن المحامي هو نفسه من يطلق عليه «المعقب»، وقال: مع الأسف هي ظاهرة منتشرة باسم «مكاتب الخدمات العامة»، وهي بالأصح مكاتب تعقيب وَتَتّبع وتخليص للمعاملات في بعض الدوائر الحكومية التي تتصف بطابع البيروقراطية المقيتة، لكن مع الأسف الشديد أصبحت تقوم بكثير من المهام المنوط بها أصلاً للمحامي، بل اقتحمت هذا التخصص الجليل ذا الأهداف السامية مما أحدث كثيرا من البلبلة والإساءة بشكل مباشر للمحامي ككيان مهني اجتماعي بارز، والمتضرر الأول والأخير من جراء هذا التدخل هو المواطن لكونه لم يستأمن قضيته لدى صاحب الاختصاص الذي في الأخير يخضع لضوابط المهنة المنصوص عليها نظاماً. لهذا تجد الثقة في مجتمعنا مفقودة بين المواطن والمحامي بسبب أخطاء الدخلاء على هذا التخصص.
وتابع الفرحان قائلاً: السبب الرئيس لهذه النتيجة المأساوية في نظري غياب المبدأ الذي يقول «إن المحامي يعد أحد أعوان القضاة إذا قاموا بالدور المنوط بهم على الوجه المطلوب شرعاً و نظاماً، فهم يساعدون القضاة في إظهار الحق في وقت أقصر وبمجهود أقل، إذ إنهم الأقدر على بيان الحجة والدليل من الخصوم العاديين، خاصة في ظل تشعب المعاملات وتعدد الأنظمة وتعقدها على كثير من القضاة في مجتمعنا إلا ما ندر فلو تحقق هذا المبدأ لما وجدت هذه الفئة ممن يطلق عليهم لقب معقب، يزاحم بغير وجه حق أو اختصاص المحامين في ساحات القضاء.

متطلبات المهنة

قسم المحاماة ضروري لدعم المهنة
وعدد المستشار القانوني فهد الفرحان مجموعة من المتطلبات قال إنها لو تحققت نكون قد حفظنا للمحامي مكانته وحققنا بعض التطور المنشود في هذه المهنة المهمة لخدمة مجتمعنا بشكل حضاري. وقال: أبرزها أن يكون هناك قسم اليمين للمهنة يدلي به المحامي الذي اجتاز متطلبات اللجنة المختصة أمام وزير العدل لكون وزارة العدل هي مرجع المحامين ومظلتهم حسب النظام الصادر بمرسوم ملكي عام 1422هـ لكي يترسخ المفهوم المهني أكثر لدى المحامي، ولدى المجتمع أيضا، فهي مهنة لا تقل أهمية عن الجندي الذي يذود عن الوطن، فهناك مجموعة من المهن تتطلب القسم المهني خصوصا التي يتعلق بها مصائر الناس.
كما لا بد أن تكون هناك خطة استراتيجية من قبل وزارة العدل لتطوير مهنة المحاماة مثلها مثل الخطة الاستراتيجية لتطوير القضاء في المملكة خصوصا أن أعداد المحامين في ازدياد، ومن الطبيعي أن تزداد متطلباتهم وتكون ذات تركيز أكبر في حل مشكلة التدريب الميداني لحديثي التخرج من المحامين. متسائلاً: ألم يحن الوقت لكي يكون هناك مركز متخصص تابع لوزارة العدل بمعايير أكاديمية متطورة لتدريب حديثي التخرج بشكل صحيح ومهني بحت يكفي حديثي التخرج ذل السؤال والتوسل للتدرب لدى مكاتب المحاماة.

تشريعات إلزامية

وخلص الفرحان للقول: لو تحقق ما ذكرت كأولوية تبقى الطابع الشكلي لتقدير المحامي من حيث المكانة في مجالس القضاء وأروقة المحاكم ومع الأسف المحامون ليس لهم أروقة خاصة توفر لهم الخدمات الأساسية في المحاكم كما هو معمول به في أغلب دول العالم، وخصوصاً دول الجوار في مجلس التعاون الخليجي ناهيك عن المواقف التي مع الأسف تجد جل الزملاء من المحامين يتأخرون عن جلساتهم بسبب البحث عن موقف لهم لكي يصلوا للمحكمة، خصوصاً ممن هم من ذوي الإعاقات والاحتياجات الخاصة.
كما أن من الضروري أن تصدر تشريعات تلزم الجهات ذات الاختصاص أن لا تقبل الترافع أو التوكيل إلا ممن يحمل تصريحا للمحاماة، كما أن يوقع من يرفض ذلك على تعهد بتحمل مسؤولية ما سوف يقدم عليه في حال توكيله من هو ليس محاميا معتمدا لدى وزارة العدل، وهذا يتوازى مع ضرورة ذكر الصفة المهنية للمحامي في الصكوك والوكالات الشرعية. فما زال يذكر اسم المحامي دون أي صفة مهنية، وقال: لا أجد أي مسوغ لهذا فلماذا سمي محاميا إذاً؟

رداء المحامي

وتساءل الفرحان إلى متى لا يوجد رداء مخصص للمحامي السعودي يميزه في أروقة المحاكم؟ وقال: كثير يذهب إلى القول إن هذه بدعة دون الاستناد إلى دليل منطقي أو حتى شرعي.
وتساءل مضيفاً: إلى متى نتأخر في حل كل إشكال صادفنا لماذا لا نستمع لأصوات أصحاب الاختصاص فيما يتعلق في اختصاصهم أليس في ما تقدم نوعاً من الارتقاء بتلك المهنة التي لو فسح المجال لها سوف تسهم في تخفيف كثير من الأعباء على الكادر القضائي؟ ألم يحن الوقت للانتقال إلى مرحلة ثانية من التطوير لهذه المهنة ومنحها فضاءات جديدة تحلق فيها؟

أبرز مطالبات المحامين:

  • زي رسمي معتمد (رداء المحامي).
  • إيجاد قسم خاص للمحامي.
  • مركز متخصص لتدريب المستجدين.
  • تصحيح الوعي المجتمعي لمفهوم المحاماة.
  • إبعاد غير المتخصصين (المعقب).
  • إصدار تشريعات تمنع غير المحامين من الترافع.
لابد من إيجاد زي رسمي معتمد للعاملين في المحاماة (الشرق)


حصانة المحامي السعودي.. إلى أين!!


هد الفرحان – محكم ومستشار قانوني سعودي
«لو لم أكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محامياً» هكذا صرح لويس الثاني عشر مخاطباً حاشيته، ومن هذا التصريح التاريخي يتضح مدى أهمية المحامي ومكانته في جميع المجتمعات المتحضرة؛ فهي مهنة فكرية علمية حرة مهمتها التعاون مع القضاء على تحصيل حقوق الموكلين تحقيقاً للعدالة ومن هذا المنطلق يتبلور في اعتقادي الشخصي أن المحامي لن يتمكن فيما تقدم دون الحصانة التي يكفلها له النظام وفق آلية وشروط ثابتة تنبع من أعراف وتقاليد مستقرة على مر الزمن وقواعد ثابتة تحدد له طريق عمله، وترشده إلى غاياته وأهدافه النبيلة لإحقاق الحق، وتبين له ما يجوز إتيانه من أعمال وما لا يجوز منها فيتجنبها، ولكن هذا لا يتحقق لا نظريا ولا عمليا، عندما نتأمل في نظام المحاماة السعودي خصوصا المادة (32/ 9) من اللائحة التنفيذية تجد أنها نصت بصريح العبارة على ما يلي: «مع مراعاة أحكام نظام المرافعات الشرعية وقواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم، فلا يجوز اتخاذ أي إجراء ضد المحامي فيما يتعلق بممارسته للمهنة إلا بعد مراجعة الإدارة العامة للمحاماة في وزارة العدل».
فهد الفرحان
فهد الفرحان
فبعد سماع هذا النص التشريعي فأي شخص غير متمكن ومتمعن في أنظمة المحاماة في الدول الأخرى يعتقد أن المادة (32/ 9) بمنزلة حصانة للمحامي، ولكن بمزيد من التأمل يتضح لنا أن النص غير دقيق ويتعارض مع أحكام نظام الإجراءات الجزائية، علاوة على ذلك لم يبين المراد من هذه الحصانة، هل تشمل أعمال جرائم الجلسات سواء أكانت تلك الأعمال موجهة للخصوم أو القضاة أو رجال الادعاء العام أو ضد محاميي الخصوم؟ وهل ينطبق ذلك حتى في أحوال التلبس؟.. أسئلة جوهرية نريد الإجابة عليها من صاحب الاختصاص الذي صاغ النظام بمواده لكي نرتقي بهذا الجانب المهني المهم الذي أصبح مؤثراً في حياتنا اليومية وفي شتى الأصعدة.
لهذا أقوم بمقارنة النظام مع أنظمة دول أخرى بشكل عام ليتضح لك أخي القارئ الفرق الكبير خصوصا من حيث التوازن بين الحقوق والواجبات المتعلقة بعمل المحامي؛ فنجدها عنيت بوضع مجموعة من الضمانات الخاصة حفاظاً على استقلال المحامي أمام الجهات القضائية والجهات التنفيذية خصوصا من حيث الحقوق وهي الأهم في نظري من حيث البيان والتوضيح، وجاءت بعض نصوصها على أنه لا يجوز القبض على المحامي أو توقيفه احتياطياً ولا رفع الدعوى عليه إلا بأمر من النائب العام الذي يوازيه في المملكة العربية السعودية هيئة التحقيق والادعاء العام، وهناك بعض الأنظمة ذهبت إلى أنه لا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى التأديبية أو الجنائية أي عضو من أعضاء الجهة التي وقع الاعتداء عليها درءاً للتواطؤ، وذلك أثناء أداء المحامي عمله في جلسات الترافع في ساحاتها كإخلاله بنظام الجلسة مثلا أو ما يستدعي محاسبته تأديبياً أو جنائياً حسب ما ينص عليه النظام؛ حيث يأمر القاضى بإحالته إلى النيابة العامة «هيئة التحقيق والادعاء العام» لإجراء اللازم.
أما من حيث استقلال المحامي، في مواجهة الموكلين فقد عالجتها بعض أنظمة المحاماة في الدول الأخرى بطرق كثيرة حددت لها، ثلاثة مسارات، الأول حرية المحامي في قبول القيام بمهامه أو لا، والثاني اتباع الطريقة التي يراها الأنسب لأداء عمله دون تأثير عليه من أي شخص، وأن يستند إلى ما يمليه عليه ضميره وما نص عليه النظام أو وفق ما نص عليه القسم المهني وهو غير موجود في نظام المحاماة السعودي، والثالث يتمثل في حرية إرادته في ترك المهمة التي سبق أن تعهد بالقيام بها في حال وجد نفسه غير متمكن منها بسبب أو من غير سبب.
كما أن الصورة الواضحة لاستقلال المحامي لا تتجلى للمتمعن في الأمر من تحقق وجودها من عدمها إلا من خلال منح المحامي حقه في الحصانة الكاملة كما هو معمول به في أغلب دول الجوار، وذلك من خلال أحكام النصوص التي يضمن بها المشرع عدم مساءلة المحامي عن أية أفعال تصدر منه مهما كانت ضارة أو غير ذلك شرط أن يكون صدورها عنه في إطار قيامه بالدفاع عن موكله؛ كونها تعطي المحامي الطمأنينة وتوفر له المناخ اللازم عند قيامه بمهامه دون أية ضغوط قد تعوق جهوده والقيام بعمله بحرفية ومهنية عالية.
فلذلك نجد أن مساءلة المحامي على الصعيد الجنائي أو التأديبي تسلك منظومة قواعد وإجراءات خاصة لكن ما هو معمول به في نظام الإجراءات الجزائية السعودي، غريب نوعا ما ويثير الإحراج لي بصفتي محامياً عندما أُسأل من قبل محامين من دول أخرى عن حصانة المحامي في المملكة العربية السعودية، والسبب في ذلك أن نظام المحاماة ونظام الإجراءات الجزائية لا يفرق بين محامٍ أو غيره، بل إنه يقيد المحامي بشكل صريح وواضح، ويزيد من عقوبته بدءاً من تحريك الدعوى، ومروراً بالحكم عليه جنائياً أو تأديبياً دون أن يكون له أدنى حماية أو استقلالية يكفلها له نظام المحاماة، بينما المفترض أن تكون هناك شروط للتحقيق مع المحامي، كما هو معمول في كثير من دول العالم، وهذا ما يفتقر إليه نظام المحاماة السعودي؛ حيث إن هذه الشروط من خلالها توضح مدى إخلال المحامي بواجباته، وتوضح كيفية الشكوى ضد المحامي، تفادياً للدعاوى والشكاوى الكيدية ضد المحامين لثنيهم عن القيام بواجبهم لكشف الحقائق.
ومن المفترض أن نظام المحاماة في المملكة العربية السعودية عبارة عن منظومة مواد حماية وحصانة للمحامي بأن لا يجوز القبض عليه والتحقيق معه في غير حالات التلبس في القضايا الجنائية أو الجرائم التي تمس أمن الدولة أو تتعلق بالآداب العامة قبل رفع الدعوى للجهة المعنية بالمحامين، التي تقوم بالتحقيق والتأكد من تحقق الواقعة المخالفة للنظام من عدمها، ومن ثم رفع الحصانة عنه والإذن بمحاكمته، كما هو معمول به في أنظمة الدول الأخرى في مجال حماية وحصانة المحامي تجد أن الجريمة الواقعة على المحامي أثناء قيامه بواجبه كأنها قد وقعت على القاضي نفسه أي العقوبة بمنزلة عقوبة التعدي على القاضي، وذلك استناداً إلى مبدأ أصيل يقول: «إن المحامي يعد أحد أعوان القضاة إذا قاموا بالدور المنوط بهم على الوجه المطلوب شرعاً ونظاماً، فهم يساعدون القضاة في إظهار الحق في وقت أقصر وبمجهود أقل؛ إذ إنهم الأقدر على بيان الحجة والدليل من الخصوم العاديين» مما يستوجب عدم تفتيش مكتب المحامي أو الشروع بالتحقيق معه إلا بتوجيه من النيابة العامة التي يوازيها في النظام السعودي هيئة التحقيق والادعاء العام، على أن تقوم بإبلاغ الجهة المختصة بالمحامين قبل أن تبدأ بالتحقيق مع المحامي بوقت كافٍ بعد أن تقوم الأخيرة باتخاذ اللازم مع المحامي وإيعازه بالأمر من حيث التحقق والوقوف على الواقعة بشكل مهني، كما لا بد أن يكون لها ممثل يحضر التحقيق للتأكد من الحيادية في جلسة التحقيق ومساعدة المحامي ودعمه في الرد على استجوابه، وذلك إذا كانت الواقعة عبارة عن جنحة أو جناية متعلقة بأداء المحامي لعمله.
كما أن بعض الأنظمة ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك من حيث حفظ مكانة المحامي من التعدي عليه أو الإقلال من قدره أثناء قيامه بعمله حاله كحال العقوبات المقررة لمن يرتكب هذه الأفعال ضد أي من أعضاء المحكمة كالقاضي مثلا.
فهل ما ذُكر منصوص في نظام المحاماة السعودي أو موضوع في عين الاعتبار في حال مناقشة تطوير نظام المحاماة السعودي؟ يعتبر ما تقدم ثوابت قابلة للزيادة لما هو في صالح المحامي ولا للنقصان، كما أن ما تقدم أيضا رغبة يتمناها كل محامٍ شغوف بعمله وحريص على إحقاق الحق وإزهاق كل باطل في إطار يكفل له الحماية ويعزز ثقافة القانون المجتمعي؛ لأن المجتمع يشكل الأمة.