الاثنين، 25 يناير 2016

المحاماة مهنة لتحقيق العدالة.. والدخلاء يجيرونها لمصالح خاصة


محامٍ خليجي يفند مغالطات محامٍ مرتزق تجاه دول «التعاون» خلال اجتماع اتحاد المحامين العرب

المحاماة هي مهنة الحق والعدالة والاعتدال المتجرد، كما هي في مبادئ القانون، لذا فإن الربط بين القانون والسياسة امر قد يجرنا الى دهاليز السياسة ومفهوم فن الممكن وان الغاية تبرر الوسيلة.. إن تسييس القانون من خلال رجاله امر خطير يخل بتوازن مفهوم العدالة من منظور داخلي ودولي وهنا يبرز نوع من المحامين ممن امتهنوا المحاماة ليهينوها بتصرفاتهم من خلال تجنيدهم لتحقيق اهداف وضيعة لا تليق بشرف المهنة، فالمحاماة من المهن الحرة العريقة في التاريخ، والتي تهدف بالأساس إلى تقديم المساعدة القضائية والقانونية للأفراد والشخصيات الاعتبارية داخل نطاق السلطان القضائي للدولة ووفق معايير دستورية وأنظمة تحدد مهام كل طرف. 

الخطر ان يتجاوز البعض من خلال منبر هو مؤتمن عليه ليستخدمه كبوق للنباح ضد دول ذات سيادة واستقلال تام تحت غطاء الشرعية والحريات مثلما حدث في (اتحاد المحامين العرب) في تونس. في حين ان هذه الحرية هي تجاوز لصلاحياته اذ نطق بلا شرعية تؤهله لحشو سمومه في بنود بيان لا قيمة له سوى زرع الفتنة والارتباك داخل منظومة تسعى جاهدة للتماسك. 

يوضح فهد الفرحان محكم ومستشار قانوني حول ملابسات جلسة اتحاد المحامين العرب في تونس ومغالطاتهم في تقريرهم وتصدي الكويت لها من خلال ممثلها دفاعا عن المملكة وقطر معبرا عن دور المحامي السعودي قائلا: "هناك محامون زائفون لا يتصدرون المواقف الوطنية عند ما يستدعيهم الوطن للواجب.. فلماذا؟"من الواضح جليا ان سبب ما تم من واقعة في جلسة اتحاد المحامين العرب في تونس ومغالطاتهم في تقاريرهم التي دمجت بين العدالة والسياسة يستوجب علينا نحن في المملكة ممثلة بمحاميها ممن يشار لهم بالبنان وليس ممن يتباهون بسير ذاتية لا تبرز مدى قوة هذا المحامي المتشدق بها عندما تستدعي الحاجة الى من يذود عن الوطن كلا بحسب مجال اختصاصه ففي معتقدي الشخصي ان عاصفة الحزم ليس مجرد جنود يخوضون المعارك الشريفة على جبهات الكرامة وإنما كل مواطن حسب اختصاصه هو شريك في عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي، لهذا فانا احمد الله ان مجريات الموقف في تلك الواقعة قد اثبتت للمتربصين ان ابناء الخليج العربي عضد واحد من خلال ذلك الفارس النبيل الزميل المحامي القدير الحميدي السبيعي الذي من ذلك المنبر المشوب بالمكيدة والذي اظهر لنا مدى اصالة معدن محامين دول الخليج العربي المتمثل بدفاعه الاصيل بل الذي يستوجب علينا ان نكتب دفاعه ومرافعته الشريفة بماء من ذهب امام اتحاد المحامين العرب الذي احتوى تقريرهم قبل الاعتراض عليه الكثير من الافتراءات على المملكة وشقيقاتها الحليفة في الذود عن الامة الخليجية ومقدراتها من التدخلات الفارسية، أما اتحاد المحامين العرب فقد تناسى مسألة استقلال المحاماة عن السياسة او بتعبير ادق هو محور حديثنا استقلال العدالة عن السياسة، إذ مما قرره القانون الأساسي للاتحاد من عمل الاتحاد على تأمين استقلال المحاماة، فعقد عام 1980 مؤتمره الرابع عشر في الرباط تحت عنوانا استقلال المحاماة ضمانة أساسية لحق الدفاع، فكيف الآن يحشر رواد هذه المهنة الكريمة في اروقة السياسة وان يجعل مجريات السياسة بشكل مفبرك في مضامين تقارير اجتماعاته.

لذلك اليس الحري بنا ان نقف موقفا جادا من خلال تفعيل دور المحامي السعودي من خلال هيئة المحامين السعوديين الذي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين في عهده الزاخر بالنماء والانجازات والتي كانت هيئة المحامين السعوديين من ابرز بل واول ما امر به في عهده لكي تكون بمثل هذه المواقف صوت المحامين السعوديين وتهيئتهم مهنيا للانخراط في المحافل الدولية والمنظمات والاتحادات ذات العلاقة بأسلوب حضاري يوصل وجهات نظر التوجه السياسي للمملكة للتصدي لكل عدون على هذا الصعيد، أو ليس من المهم ايضا ان نعمل على تشكيل طواقم قانونية فذة تمثل المحامين السعوديين محليا وإقليميا ودوليا يكونون تحت مظلة وزارة الخارجية لتمثيل المملكة في مثل تلك المحافل التي لا بد ان تقول المملكة فيها كلماتها، لهذا لا بد من التفكير بجدية من خلال دول مجلس التعاون الخليجي في الانخراط في اتحاد المحامين العرب وترتيب آلية قانونية سياسية تضمن لنا وحدتنا الخليجية كتكتل دخل هذا الاتحاد في حال شرعنا الانضمام اليه كدول منفردة او كدول في تكتل واحد. 

من جهته يفند فرحان بن معتوق خبير القانون الدولي الواقعة من الناحية السياسية وردود الفعل حولها أن المحاماة هي مهنة يجب ان تكون في مكانة تتماشي مع مفاهيم الحق والعدالة والاعتدال المتجرد، كما هي في مبادئ القانون، ويضيف ان مفهوم الحق والعدالة مبني على التجرد. لذا فإن الربط بين القانون والسياسة امر قد يجرنا الى دهاليز السياسة ومفاهيم فن الممكن ومرورا بمفهوم ان الغاية تبرر الوسيلة. ان تسييس القانون من خلال رجاله امر خطير يخل بتوازن مفهوم العدالة من منظور داخلي ودولي وهنا يبرز نوع من المحامين ممن امتهنوا المهنة ليهينوها بتصرفاتهم الفردية من خلال عمليات التجنيد لصالح قوى سياسية وأجندات خاصة لتحقيق اهداف رخيصة. 

فالمحاماة من المهن الحرة العريقة في التاريخ، والتي تهدف بالأساس إلى تقديم المساعدة القضائية والقانونية للأفراد والشخصيات الاعتبارية داخل نطاق السلطان القضائي للدولة وفق معايير دستورية وأنظمة تحدد مهام كل طرف. والخطر ان يتجاوز البعض من خلال منبر هو مؤتمن عليه ليستخدمه كبوق للنباح ضد دول ذات سيادة واستقلال تام تحت غطاء الشرعية والحريات في حين ان هذه الحرية والشرعية لم يتم مراعاتها عندما تجاوز صلاحياته اذ نطق بلا شرعية تؤهله لحشو سمومه في بنود بيان لا قيمة له سوى زرع الفتنة. ولم يراع الحرية عندما قيد حريات القانون المجردة بهاجس شخصي او اوهام اقتنع بها لكونه مسيرا وليس مخيرا لقول الحق وكل ما هو مطلوب منه خلق نوع من الارتباك داخل المنظومة التي تسعى جاهدة للتماسك في هذا الوضع المتأزم وللأسف ان يصدر هذا التصرف من رجل قانون مؤتمن. كما اعتمد البعض على مسوغات إدارية تم منحها لبعض المؤسسات التي خلقت أبان فترة الاستعمار لبعض الدول التي كانت تعاني منه إذ ان المستعمر نفسه من زرع هذه البذرة تحت شعار الحريات إلا أنهم نسوا المبدأ الأصيل الخاص بالسيادة للدول ومنظومة الاتفاقيات الدولية التي تخول الدول اتخاذ إجراءات تحت البند السابع والمواد الأخيرة المعنية بالدفاع عن النفس. 

للأسف اصبح مجال المحاماة مجالا خصبا جالبا لكل ممتهن ومدعي العلم بالقانون وما هم إلا جرثومة في جسد العدالة اذ اصبح السمسار محاميا، وهذا لا يليق بشرف المهنة ولا يتماشى مع كفاءة المحامي العلمية والعملية ونوعية الخدمة التي يسديها، انه حتى على الصعيد الدولي نجد ان مبادئ القانون الدولي العام لم تصل لحد الالزام لكون مفهوم الحث مرنا وليس مجرد لكونه مبنيا على السياسة والمصلحة للطرف الاقوى لذا وقع احدهم في هذا الفخ فنصب نفسه بالقاضي المعلوم اي انه ارتقي بأفكاره الى درجة انه تجاوز كل الاعراف الدولية والمواثيق ليحكم ويصدر افتراءه على المملكة ودول التحالف الاسلامي بكل وقاحة من خلال النصوص التي يروجها هو وما يسمى باتحاد المحامين العرب الذين نسوا الحق وانبهروا بالجهل. وكانت المفاجأة له عندما قدم احد المحامين الخليجيين اعتراضه على الاحاطات الرخيصة الموجة ضد دول الخليج العربي والتحالف الاسلامي وكشف له غيه ورخص ما زرع من سموم التفرقة في البيان الرخيص الذي قدمه". 

يختتم فهد الفرحان حديثه بقوله: إن معطيات الامور دوما تدل على خواتيمها ولا بد لنا العمل بجد على المعطيات لكي تكون خواتم الامور لصالحنا وهذا يتجلى في العمل بجدية في اعداد المحامي السعودي بمهنية واحترافية عالية لكي نسطر اسم المملكة العربية السعودية في هذا المجال بأسطر من نور، ولكن للأسف الشديد اصبح يسود مهنة المحاماة الكثير من المرتزقة ما يطلق عليهم بالدارجة المحلية (بالمعقبين) يلبسون جلباب المحاماة الذي لا نمتلكه اصلا ويتشدقون بقسم المحاماة، ناهيك عن حصانة المحامي والجدل السائد حولها كلها مفاهيم اساسية لا بد من حسمها لكي يخرج لنا قامات فذة في عالم المحاماة السعودي امثال الزميل الحميدي السبيعي تعي مدى جانب المسؤولية الملقى على كواهلها اتجاه الوطن والمليك والشعب . فكيف بنا ان نصقل قدرات زملائنا المحامين دون ان تكون هناك قواعد اساسية تضمن للمجتمع مخرجات كليات القانون من دارسين للقانون ومحامين اكفاء في عملهم مؤتمنين على قضايا وكلائهم فكيف اذا لو كان الوكيل هو الوطن بذاته..؟ فلنكون جديرين بالدفاع عن الوطن كمحامين وكلا حسب اختصاصه بشرط ان نكون اكفاء وليس مرتزقة".

http://www.alriyadh.com/1122305




الخميس، 7 يناير 2016

المحكم والمستشار القانوني فهد الفرحان مصرحا إيران لا تعترف بالحقوق.. ولا تراعي الجوار.. ولا توفر الأمن للضيوف، إيران تخالف اتفاقيات فيينا والأعراف والمواثيق الدولية

عندما نتبصر في القانون الدولي نجد أن اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول تحرم تحريماً مطلقاً التعدي على السفارات وقنصليات الدول المستضافة ومن حيث التكيف القانوني فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وفقاً لما ورد في المادة 22 من الاتفاقية التي تنص بشكل صريح لا مجال فيه للتأويل "إلزام الدولة المعتمد لديها البعثة الدبلوماسية باتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة، وفي حال تعرضت أي سفارة لأي انتهاك فإن ذلك يترتب عليه مسؤولية على الدولة مقر البعثة".

ومن هذا المنطلق الركيز في اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول فإن الاعتداءات التي تعرضت له سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مدينة مشهد يعتبر انتهاكاً صارخاً في عالم الدبلوماسية ومرفوضاً يخالف جميع الأعراف والمواثيق الدولية، والتي تكفل حماية وأمن البعثات الدبلوماسية وأفرادها.

يوضح فهد الفرحان المحكم والمستشار القانوني: ما تعرضت له سفارتنا في طهران أمر مرفوض، حيث يعتبر إخلالاً بالأعراف الدبلوماسية وإضرار بالعلاقات الدولية وتهديداً للأمن والسلم الدوليين حسب توصيف جل فقهاء القانون الدولي والسوابق على هذا كثيرة ينحصر قسم منها في ايران تحديدا. وما بدر من تصرف صبياني من طرف نظام الملالي في ايران تجاه القرارات الداخلية للمملكة يعتبر تدخلاً سافراً لا مبرر له يوحي لما تسعى إليه حكومة طهران من تصدير لفكر ولاية الفقيه والوصاية لمصادرة حقوق جاراتها من دول الخليج العربية واكبر دليل قاطع محاولتها التدخل في حق المملكة كما هو من حق أي دولة في العالم أن تتصرف وفق ما تراه لحماية أمن شعبها ومصالحها من خلال تطبيق أنظمتها وقوانينها داخليا، دون ادنى أي احترام لسيادة المملكة على اراضيها وقضائها المستقل وشؤونها الداخلية، لأن الأمر بكل تجرد منطقي حسي ملموس يدركه أي شخصية لديها الإدراك السياسي والقانوني المرن ان ايران لا تفقه من حيث انظمتها العدلية المتهالكة ان الأحكام الصادرة من قضاء المملكة العربية السعودية يُراعى فيها قواعد الإثبات الشرعية ومعايير التكييف الصحيح للوقائع، دون النظر إلى انتماءات أطراف النزاع الفكرية أو العرقية أو الطائفية، بل ركزت الأحكام على الأفعال الإرهابية التي قام بها المدانون وراح ضحيتها العديد من الأبرياء، وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية من مبدأ المساواة والعدل بين الخصوم.

وما يثير السخرية السياسية انهم قالو إن إعدام نمر النمر يهدد بعواقب وخيمة، وسيزيد التوتر الطائفي في المنطقة وطبعا هذا ما يسعون الية ككيان مارق على الانظمة الدولية. ولكن ما يصدر من ايران لا يعقل أن يحدث هذا في إطار ما يسمى بدولة حديثة، تحت أي ظروف كانت.

http://www.alriyadh.com/1117519

الاثنين، 4 يناير 2016

المحكم والمستشار القانوني فهد الفرحان يصرح : ننتظر تشريعاً واضحاً ينظم آليات التعويض ويقلل جولات المتضررين بين أروقة المحاكم

يتحمل بعض المواطنين جولات قضائية طويلة وخسائر فادحة في ظل محدودية ثقافة التعويض داخل أروقة المحاكم والمجتمع كافة، التي يقف خلف أسبابها غياب نظام قضائي لتعويض المتضررين مادياً ومعنوياً، ومع ذلك يكاد يكون التعويض المعنوي ملغى تماماً. 

ويترتب على أي تصرف قانوني أو فعل مادي إدعاء للمطالبة بالتعويض؛ لأن الحياة بطبيعتها في كل عصر وفي كل بيئة عبارة عن صراع ومزاحمة بين الأشخاص، ليُلبى مفهوم التعويض في مجال المسؤولية المدنية إصلاح ما اختل من توازن بحالة المتضرر، عبر إعادة التوازن إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر، فهو يعني بعبارة موجزة جبر الضرر. وللأسف تبقى الثقافة القانونية بشكل عام - وليس فقط في مجال التثقيف من ناحية التعويضات - ضعيفة لدى أفراد المجتمع، ما يتطلب دراسة وبلورة أفكار وبرامج تثقيفية من أجل حصول المتضرريين على حقوقهم، ومن دون تأخير، أو مماطلة. 

باب كبير

يقول محمد الجذلاني - قاضي - إن التعويض نوعان؛ مادي ومعنوي، وإذا قلنا التعويض فلا يدخل فيه الديّات المقدرة في الشرع سواء قتل النفس أو ما يسمى في الفقه ب "الأروش"، وهي نوع من التعويضات المادية التي يحكم بها لصالح من تعرض لاعتداء في جسده أدى لوقوع ضرر جسدي عليه كفقد أحد الحواس، أو وقوع جرح في الجسد، مضيفاً أن التعويض باب كبير وواسع من أبواب الفقه والقضاء وأحكام الضمان، وغالباً يكون المقصود هو التعويض المادي، مبيناً أنه في القضاء السعودي هناك إشكالان في التعويض، أولهما ضعف تقدير التعويض المناسب مادياً، وثانيهما في عدم الاعتراف غالباً بالأضرار المعنوية أو التعويض عنها. 

جبر الضرر

وأوضح فهد الفرحان - مستشار قانوني - أنه ما من تصرف قانوني أو فعل مادي إلاّ ويحتمل أن يترتب عليه أو ينشأ عنه إدعاء للمطالبة بالتعويض؛ لأن الحياة بطبيعتها في كل عصر وفي كل بيئة عبارة عن صراع ومزاحمة بين الأشخاص، مضيفاً أنه يقصد بالتعويض في مجال المسؤولية المدنية إصلاح ما اختل من توازن بحالة المتضرر، بإعادة التوازن إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر، فهو يعني بعبارة موجزة جبر الضرر، مبيناً أنه يشمل التعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع، وبصرف النظر عما إذا كان الضرر متوقعاً أو غير متوقع. 

وأضاف: إن أنواع التعويض حسب الشريعة الاسلامية السمحة ثلاثة: العيني: وهو الوفاء بالتزام، أو إعادة الشيء المتضرر إلى ما كان عليه، الثاني وهو غير النقدي فإذا تعذر التنفيذ العيني فيحكم القاضي بالتعويض ولكن ليس بالضرورة أن يحكم بالنقد، بل يجوز له أن يحكم بأن يُدفع للدائن سند، أو سهم تنتقل إليه ملكيته ويستولي على ريعه تعويضاً له عن الضرر الذي أصابه، والثالث النقدي وهو التعويض الذي يغلب الحكم به في دعاوى المسؤولية التقصيرية، فإن كل ضرر حتى الضرر الأدبي يمكن تقويمه بالنقد وهو الأصل. 

تحديث الأنظمة

وأكد الفرحان أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية له تأثير في الأحكام القضائية، حيث صدر قرار مجلس الوزراء رقم (66) وتاريخ 17/3/1421ه القاضي بأن تقوم جميع الأجهزة الحكومية بمراجعة جميع الأنظمة ذات العلاقة بما يتفق مع ما يقتضيه انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، ورفع ما يتم التوصل إليه لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة، وكذلك إعداد الدراسات التي تبين المكاسب والتكاليف المترتبة على الانضمام، والتهيئة لمرحلة ما بعد الانضمام، مضيفاً أن القرار نص على تشكيل لجنة فرعية للتحضير للجنة الوزارية المكلفة بمهمة متابعة جميع ما يتخذ من قرارات، وما يرسم من سياسات وقواعد في النظام التجاري العالمي، وذلك بالقيام بمراجعة مستمرة لما يتم التوصل إليه من قبل فريق التفاوض السعودي، مبيناً أنه بناء على ذلك فقد حُدّثت بعض الأنظمة الموجودة استجابة لشروط المنظمة ومنها على سبيل المثال: نظام العلامات التجارية ونظام حق المؤلف ونظام براءة الاختراع، كما استحدثت أنظمة لم تكن موجودة بالأصل مثل نظام الأسرار التجارية، والاستثمار الأجنبي، وهذه الأنظمة استحدثت قبل التوقيع النهائي لانضمام المملكة إلى المنظمة، لكنها تمت متطلبات واستعدادا للانضمام، ذاكراً أنه صدر مرسوم بإعادة هيكلة القضاء بشكل جذري ومع ما فيه من إيجابيات إدارية وتنظيمية إلاّ أنه استثنيت فيه مزيد من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي من القضاء الشرعي مثل، نظام الاستثمار الأجنبي والتأمين وسوق المال، إضافةً إلى اللجان السابقة. 

وأضاف: تم اتخاذ كل تدابير الحيطة من حيث المراجعة القانونية والشرعية في تطوير النصوص والأحكام وتطوير مخرجاتها بشكل دقيق ومناسب لمصادر التشريع في المملكة، مع بنود اتفاقية التجارة العالمية الحرة لكي لا يحدث أي تناقض أو تباين مخل. 

فهم خاطئ

وشرح الجذلاني سبب ضعف هذه الثقافة الذي يرتبط بفهم الشريعة ومقاصدها، إذ ترجع المشكلة إلى سبب واحد أساسي وهو الضعف الكبير في فهم أحكام الشريعة الاسلامية ومبادئها ومقاصدها العظيمة، فيظن كثيرون أن الشريعة الاسلامية تعارض التعويض إلاّ أن هناك أحكام وقواعد شرعية يكون الخطأ في فهمها وتطبيقها، وكذلك في التعويض عن مماطلة المدين وعدم سداده للدين الذي في ذمته إلاّ بعد اضطرار الدائن لمقاضاته وإضاعة المزيد من الوقت للحصول على حقه، مضيفاً أنه يمكن التفريق بين المدين المعسر غير القادر وبين المدين القادر المليء الذي امتنع عن سداد الدين عناداً ومكابرة ومماطلة، فهذا الأخير يستحق تعزيره ومعاقبته لكن هل يمكن تعزيره بالمال أم لا؟، مُشدداً على أهمية التفريق بين الدائن الذي باشر رفع الدعوى بنفسه ولم يحتج إلى سفر ولا لمحامي؛ لأن التقاضي عندنا مجاني، وبين الدائن الذي اضطر لتوكيل محام أو السفر من مدينة إلى مدينة لرفع الدعوى، مشيراً إلى أن الذين يرون أن التعويض جزء من الربا يقصدون بذلك الحكم على المدين بمبلغ إضافي أكثر من الدين وذلك لصالح الدائن تعويضاً عن تأخر المدين في السداد لمدة طويلة، فيكون التعويض مقابل المدة. 

اعتذار واستحلال

وقال الفرحان: يوجد في الفقه الإسلامي بجانب العقوبات والتعويض المالي أنواع أخرى لعلاج الضرر مثل الاعتذار والاستحلال، ورد الاعتبار من خلال الإقرار بالخطأ علناً، وتكذيب الشخص الشاتم نفسه بأن ما قاله غير صحيح إن كان علناً فعلاً، وإلاّ فبينه وبين الله تعالى من خلال التوبة والدعاء للشخص المشتوم والاستغفار له وهذا خاص بالفقه الإسلامي، فمثلاً ذهب جماعة من الفقهاء إلى وجوب الاستحلال في الغيبة ونحوها، مستندين بالحديث الصحيح القائل: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"، مضيفاً أنه ذكر الفقهاء أيضاً مسألة الإقرار بالخطأ وهي إن كانت من الجاني نفسه فهو من باب الاعتبار والإصلاح المطلوب في هذا الباب المذكور في القرآن الكريم بخصوص القذف حيث قال تعالى: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، حيث اشترط الإصلاح، ولم يكتف بالتوبة فقط. 

معيار موضوعي

وأوضح الفرحان أن المصطلحات الفقهية فرقت بين نوعين من التعويضات المالية، هما التعويضات الناتجة عن فعل جنائي، والتعويضات الناتجة عن عمل مدني أو جنائي، حيث خصص الفقه الإسلامي ثلاثة مصطلحات وهي الديّات، التي حددها الشرع عند الاعتداء على النفس، أو الأعضاء، أو القوى والأجهزة الخاصة بالإنسان، مضيفاً أن القصد من ذلك ما ثبت بدليل صحيح صريح، أمّا عدا ذلك من الاجتهادات فهو محل رد وبدل حسب الأدلة والمقاصد والمصالح، وحسب رعاية تغير الفتاوى بتغير الزمان والمكان، مبيناً أن باب الديّات يحتاج إلى تمحيص فلا ندخل فيه إلاّ ما ثبت في الكتاب أو السنة، أو الإجماع الصريح الصحيح، ذاكراً أن هناك مصطلحين هما الأرش والحكومة، وكلاهما يخضعان لاجتهاد الخبراء، وبالتالي فلا مانع من إدخال الضرر المعنوي في التقدير والتقييم من دون إفراط ولا تفريط، مؤكداً أن الإشكالية في احتساب الضرر المعنوي مع الديّات حيث إنها مقدرة، فهل تعد هذه الإضافة معها مخالفة للنص؟، هذا ما يحتاج إلى اجتهاد مؤصل، ذاكراً أن الفقه الإسلامي خصص للتعويضات الناتجة عن فعل جنائي أو غير جنائي مصطلحين شاملين هما الرد بالمثل، والرد بالقيمي، أي قاعدة المثلي والقيمي في التعويضات. 

وأشار إلى أن الفقه الإسلامي اعتمد على معيار موضوعي مرن لدى التعويض، وهذا دليل راسخ لصلاح الشريعة الاسلامية لكل زمان ومكان من خلال أن هذه القاعدة ليست جامدة على أن كل مثلي يجب أن يرد بالمثل من دون استثناء، ولا أن كل قيمي يرد بالقيمة من دون استثناء، وإنما معيارهما العدل فقط، وتحقيق المصالح، ودرء المفاسد، وبالتالي فهما يستوعبان كل ما ذكر في الفقه المدني وزيادة، ومع ذلك فلا خلاف في استعمال هذه المصطلحات القانونية، ولا حرج فيها من حيث منظور أغلب الشرعيين، إذ إنه لا مشاحة فيها، ولا قدسية لها. 

جرائم المعلوماتية

وذكر الفرحان أن هناك اهتماما للمشرع السعودي بتنظيم كل المستجدات العصرية الجديدة خصوصاً في جرائم المعلوماتية، لهذا صدر نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وهو نظام موضوعي يعنى بتجريم ومعاقبة مرتكب القذف الإلكتروني، وأن إجراءات رفع الشكوى المتعلقة بأي جريمة معلوماتية لا تخرج عن النظام الإجرائي المعني بمعالجة جميع الدعاوى الجزائية في جميع مراحلها، وهو نظام الإجراءات الجزائية الصادر بمرسوم ملكي، مضيفاً أن تعريف الجريمة المعلوماتية في "نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية جاء كالتالي: 

"أي فعل يرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمخالفة لأحكام النظام"، مبيناً أن المادة الثالثة من هذا النظام تنص على عقوبة السجن لمدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تزيد عن (500) ألف ريال لمن يثبت عليه التنصت على ما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية دون مسوغ نظامي صحيح، أو التهديد والابتزاز، أو الدخول غير المشروع إلى أي موقع إلكتروني وذلك لإحداث أي تغيير فيه أو إتلافه، أو المساس بالحياة الخاصة أو التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم، ذاكراً أنه تنص المادة السادسة من النظام على أن من ينتج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة فيعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، مشيراً إلى أن هناك تنازلا لكثيرين عن قضايا التعويض، بسبب عدم احتساب وتقدير تكلفة التقاضي وأتعاب المحاماة وضياع الجهد وذهاب وقت من طرف هيئة القضاء الموقر، ما يجعل الدائن في أسوأ حالات الضغط النفسي التي تجعله يصل إلى طريق مسدود اعتقادا منه أن ترك القضية أفضل بكثير من المضي بها قدماً، مطالباً بوجود تشريع واضح وصريح ينظم سبل التعويض بشكل سريع ومحسوب.

المجتمع بحاجة لتوعية قانونية

أكد فهد الفرحان على أنه مازال الاعلام السعودي الرسمي وغير الرسمي مقصرا في نشر الثقافة القانونية بشكل عام وليس فقط في مجال التثقيف من ناحية التعويضات بشكل قانوني، متمنياً من وزارة الإعلام أن تضع هذا الأمر محل اهتمامها في دراسة وبلورة أفكار وبرامج تثقيفية للمواطن وللمحامي وللقاضي على حد سواء.

وقال: إنه حان الوقت أن نظهر للعالم ما مدى قوة وسماحة شريعتنا الغراء التي أبهرت العالم عبر عصور والي يومنا هذا، مُشدداً على أهمية طرح برنامج قانوني بحت يتناول الجانب التثقيفي لكافة شرائح المجتمع، وليس كما نشاهد في بعض البرامج ذات الطابع الهزلي -من وجهة نظره- الذي تمارسه بعض القنوات موحيةً أنه برنامج قانوني وهو لا يمت للقانون والتثقيف بأي صلة، والدليل أنهم لا يتجرؤون على دعوة القانونيين المشار لهم بالبنان.

لا تقدير مالياً في المحاكم عن الضرر المعنوي!

اوضح فهد الفرحان أن التعويضات عن الأضرار المعنوية ليس لها تقدير مالي في المحاكم، وهي الآن موضع دراسة وتقدير من المشرع فيما يتعلق بالتأخر في سداد الدين المالي، مبيناً أن السب والشتم المعمول به الاكتفاء بتعزير المحكوم عليه، متوقعاً صدور نظام يقّوم هذه الأضرار المعنوية بتعويض مالي تقدره جهة مختصة جراء ما تعرض له المتضرر من أضرار بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية.

وتساءل: هل التعويض ثقافة فقط أم أنه مطلب شرعي حثت عليه الشريعة الإسلامية وكذلك لوائح الأنظمة في حالة التعرض للضرر والأذى بمختلف أنواعه؟، وهل أسهمت جهات الاختصاص ذات العلاقة في نشر التوعية المجتمعية مع التعريف بالحقوق والأنظمة من خلال برامج مدروسة وممنهجة لتوعية المواطن؟.

وقال: إن القضاء في الشريعة الإسلاميّة لا يعطي عوضاً عن الضرر المعنويّ والأخلاقي، إلاّ أنّ المبادئ الإنسانيّة، التي دعا إليها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم تنصّ على أن يؤتى كلّ ذي حقّ حقّه دون مطل أو ظلم حتى لو كان ذمياً، متسائلاً: هل سنشهد في القريب العاجل صدور قوانين تضع الأمور في نصابها كسائر دول الجوار التي تغلبت على هذه العقبة منذ سنين.



الفرحان: الأحكام الشرعية ضمن نطاق سيادة القضاء.. والنيل منها هو مساس للسيادة

الفرحان حث على تنظيم برنامج وقائي فكري يجعل من شبابنا شخصية تقود ولا تُقاد.

جاء تنفيذ حكم القتل حرابة وتعزيراً بحق 47 إرهابياً، في 12 منطقة على مستوى المملكة، بمثابة تأكيد قوي من صاحب القرار السياسي عزمه في حفظ سيادة المملكة على أراضيها، استناداً لمبدأ السيادة المطلقة للدولة على ارضيها حسب القوانين والأعراف الدولية، ومن واجبات الدولة تجاه رعاياها أنها لا تتوانى عن ردع كل من يهدد أمنهم وامن المقيمين على اراضيها، أو يعطل الحياة العامة، أو يعيق إحدى السلطات التنفيذية او التشريعية عن أداء واجباتها المنوط حفظ أمن المجتمع ومصالحه، أو يؤلب على الفتنة والمنازعة، والتحريض على الأعمال الإرهابية، أو يدعو إلى إحداث الفرقة وتمزيق وحدة النسيج المجتمعي مما يهدد السلم الاجتماعي، ولكي يتبلور لدينا ما يسمى بالاستقرار السياسي، استوجب على المملكة الحسم وبشدة لكل انتهاك صارخ لمبدأ السيادة المزعزع لكيان الدولة.

يتحدث فهد الفرحان المحكم والمستشار القانوني حول الاتهامات المضادة للملكة في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف العربية والغربية: الأمر كما يبدو بشكل واضح للعيان ان هناك من لا يقيم وزناً لسيادة الدولة خصوصاً بعض وسائل الإعلام العربية المأجورة والغربية المُغرّر بها التي شرعت تنتقد تنفيذ هذه الأحكام، وتحاول كما تعتقد التأثير عليها بخزعبلاتها حتى قبل أن يتم التنفيذ، بل إن بعض زبانية إيران هددوا جهارا المملكة في حال تم تطبيق أحكام القضاء الشرعي في هؤلاء القتلة والإرهابيين، وهذا تأكيد قاطع على علاقة هؤلاء في دعم الإرهاب ومحاولة زعزعة أمن واستقرار المملكة، ومن هنا يستوجب على الاعلام من رجال الإعلام والفكر والثقافة القيام بدورهم الوطني للدفاع عن سيادة المملكة على اراضيها من شتى الجوانب.

وأضاف: من جهتي كقانوني انتمي لهذا الوطن واجهت شخصياً سيلا عارما من الانتقادات والاستفسارات المغرضة للأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مُنظمات وجمعيات عالمية مُعارضة لمسألة الإعدام، وهذه قضيتنا معهم طبعا ليست بجديدة وفي كل مرة اؤكّد لهم بالحجة الدامغة من خلال السوابق القضائية المماثلة في دول مقاربة لهم من حيث المعايير القانونية والأيدلوجية أن القضاء الشرعي المُستقل في المملكة انتهج نفس النهج لتلك الدول لضمان الاستقرار السياسي فلا جناح عليه فما الفرق إذا! اوليس هذا هو وفق منهج ودستور هذه البلاد وقد مر القرار وفق تراتبيه عدلية مفضية لنتيجة قانونية جزائية متمخضة من قرار قضائي من اعلى سلطة قضائية في الدولة التي تمت بها الواقعة؟.

وقال: ما اثار استغراب الكثير من القانونيين ان كثير من الجمعيات والمنظمات التي وصلتها معلومات وصور مغلوطة عن حقيقة هذه الأحكام اذا اردنا ان لنتمس لهم العذر ما لم يكونون قد تعمدوا ذلك حيث وصفوا الاحكام بالطائفية، كأنهم تعمدوا بقصد او من غير قصد الفهم بتلك الجرائم التي ارتكبها هؤلاء في حق الامة قبل كل شيء، وهذه المنابر من الواجب أن نوضح لهم حقيقة الأمر ونزوّدهم ما يفحمهم من حيث الحجة الواهية التي يستندون عليها ليصححوا مواقفهم اتجاه المملكة ككيان وشعب، لان بكل صراحة تلك الجمعيات ومنظمات تعمل بمعايير مزدوجة تبعاً لمن يدفع أكثر حيث انها ذات مهارة عالية في انتقاء الاقلام المسمومة التي تكن العداء الصريح لبلادنا ورموزنا، وفي حقيقة الامر من الناحية التوصيفيه لتلك الزمرة يتوافق توجهها من خلال المنهاج مع الإرهابيين وأهدافهم في القتل وزعزعة الاستقرار السياسي، وهذا ما يجب أن نؤكد عليه في تصدينا لمثل هؤلاء حتى نقضى على دابر فتنتهم!

وأضاف: في نهاية المطاف نستنتج ان من يعارض وينتقد الحق السيادي للمملكة على اراضيها الصريح في تنفيذ الأحكام الشرعية كحدود على الإرهابيين يجب عليه أن يعي ان مفاهيمه ومُعتقداته لنفسه وليست نواميس سماوية يستوجب على البشرية أتبعها، فلو تم على ارضي دولة اخرى فهل سوف يكون تصريحاته كمثل ما اطلقها على المملكة؟. ان الاوان ان يكون الحل عبارة عن خطة ممنهجه اكاديميا على مراحل لكل مرحلة لها تقيم وجدول زمني وبإشراف عالٍ من الاجهزة المعنية في المملكة لخلق مشروع وطني يعزز المواطنة وغرس مبدأ سيادة الوطن على كل ما فيه لتوعية النشء من هذا الخطر الفكري الذي كاد ان يكون الجذام الذي لا مناص منه إلا بالبتر ولقد تم البتر بنجاح وطني عارم ومآزر المواطن له، من هنا نبدأ ببرنامج وقائي فكري يجعل من شبابنا شخصية تقود ولا تقاد ان يكون لهم فكرهم النير المستمد من الثوابت الوطنية التي تعتبر نبراسا لاستقرار أي مجتمع مدني متطور ومتحضر فكريا. لهذا لا بد من اعادة هيكلة الكثير من المراكز والجهات التي تعنى بالفكر التي تتعامل مع المجاميع الشبابية والتي تعتبر اكبر شريحة في المجتمع يستهدفها هذا الوباء الفكري الشاذ عن الطبيعة البشرية. والحرص على توحيد الخطاب الديني وبلورة افكاره وأفكار من يلقيه لمواكبة تطورات العصر والمكان وان تكون فكرة الخدمة المجتمعية واجب مفروض على القطاع الخاص والعام بشكل سنوي من خلال برامج لا تنحصر بما تعارف علية العمل المجتمعي بالشكل التقليدي بل ان يتم تطويره وادخال مشاريع ترفع مستوى التوعية الوطنية والمواطنة وتبجيل مفهوم الوطن وكيفية التفريق بين الفكر الضال والفكر النير وليس الانسياق خلف كل باطل غلف بغلاف ديني لاكتساب الشرعية لما سوف ينتج عنه من مفسدة تصيب العباد والبلاد بما لا يحمد عقباه.



الأحد، 3 يناير 2016

دول مجلس التعاون وسياسة السوق الجديدة


تزخر منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بكثير من الموارد الاقتصادية التي تجعلها تحتل مكانة متميزة في السوق العالمية ويتجه إليها كمُ ليس بقليل من الاستثمارات الأجنبية، الشيء الذي يحتم عليها مواكبة التطورات العالمية باتخاذها من حين لآخر من القرارات والسياسات ما يجعلها تحافظ على مكانتها كمنطقة جاذبة وسوق مفتوح للاستثمارات الخارجية، ومما ترتكز عليه على سبيل المثال لا الحصر: النفط الخام ومشتقاته الذي يعطي لهذه المنطقة الكثير من الأهمية، والتجارة بمختلف أنواعها سواء كانت سلعيه أو خدمية، وتتميز كذلك بأنها منطقة تسويقية ذات مميزات عالية، مما يجعلها تبحث على الدوام عن السياسات المناسبة للمحافظة على ذلك، ومن تلك السياسات انضمام أغلب دول المنطقة إلى منظمة التجارة العالمية حتى لا تتخلف عن ركب التطور التجاري الذي سارت فيه الكثير من دول العالم.
تعتبر منظمة التجارة العالمية هي المنظمة العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الأمم، ومهمتها الأساسية ضمان انسياب التجارة بكل سهولة ويسر وحرية بين الدول حتى يضمن المستهلك والمنتج على حدً سواء الامداد المستمر من السلع واتساع دائرة الخيارات من المنتجات تامة الصنع ومكوناتها وموادها الخام وخدمات انتاجها، فيضمن بذلك المنتجون والمصدرون فتح الأسواق الخارجية أمامهم.
ومن أهم مسؤوليات منظمة التجارة العالمية إدارة اتفاقياتها والتي تمثل الأسس والقواعد القانونية للتجارة الدولية، ومراقبة السياسات التجارية والتي تتم مراجعتها بصورة دورية من المجلس العام للمنظمة للتأكد من أن السياسات التجارية لا تعوق انسياب التجارة بالشكل المطلوب وحتى تضمن كل دولة بأن صادراتها سوف تعامل بصورة عادلة ومتجانسة في أسواق الدول الأخرى، كما تتعهد كل دولة بأن تقوم بنفس الشيء بالنسبة للواردات القادمة إلى اسواقها، مما يعني بصورة غير مباشرة رفع الدولة الحماية عن منتجاتها الوطنية أو رفع الدعم إذا كان ايجابياً أم سلبياً فإذا كانت الدولة تفرض رسوماً على البضائع المستوردة لزيادة تكلفتها مما ينتج عنه زيادة في أسعارها فهي بذلك تحمي المنتج الوطني، ففي ظل سياسة كهذه هل تستطيع الشركات الوطنية منافسة هذا السوق؟ يمكنها منافسته ولكن يتطلب ذلك استعداداً وتميزاً واضحاً بزيادة الاحتياطي المالي والاستعداد لمواجهة أي مصروفات تقع على عاتق الشركات الوطنية التي يعتمد عليها اقتصاد دول المنطقة بدرجة كبيرة.
وهذا المبدأ لا يتوقف فقط عند الشركات الوطنية المنتجة للبضائع بل يتعداه إلى مجال الخدمات مثل البنوك وشركات التأمين والاتصالات والنقل والفندقة وما إلى ذلك من أنواع الخدمات، فهذا القطاع ينعم أيضاً بحرية الممارسة في أي من المناطق التي تشملها منظمة التجارة العالمية مما يوسع فرص المنافسة ويجعل هذه الخدمات مطروقة في سوق مفتوح للجميع بعد إزالة الحواجز الحدودية والسياسات التي تحمي المنتج الوطني، ويصبح الفيصل هو المنافسة العادلة للجميع فمن يوفر الخدمة التي تجعله متميزاً يستطيع أن يبقي نفسه في دائرة السوق.
إن النظام التجاري العالمي الجديد يهيئ الأسواق بصورة كبيرة للعمل عليها وفق سياسات لا تعرف الفرق بين الوطني وغير الوطني، حيث تتيح للجميع فرصاً متساوية لإدارة استثماراتهم ومراعاة منتجاتهم وتطويرها، فهل تسطيع دول مجلس التعاون الصمود أمام هذا المد الجديد.
وخلاصة القول: إن كل الشركات العاملة في مجال الاستثمار والاقتصاد إن لم تتبع المنهجية العلمية في القراءة السليمة للسوق واحتياجاته، وفي تجهيز احتياطي مالي يمكن الاعتماد عليه عند التعرض لهزات السوق الناتجة عن تغيير السياسات التجارية من حينٍ لآخر حسبما تمليه اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، فستكون مسألة انهيارها وانهيار اقتصاد المنطقة مسألة وقت ليس إلا.

(*) المحكم و مستشار قانوني/ فهد الفرحان